الانتخابات الأميركية: تحديات التنبؤ والبحث عن الدقة
تشكل استطلاعات الرأي جزءاً أساسياً من المشهد الانتخابي الأميركي، حيث تعتمد عليها الحملات الانتخابية ووسائل الإعلام لفهم توجهات الناخبين. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة إخفاقات كبيرة في دقة هذه الاستطلاعات، بدءًا من فوز دونالد ترامب المفاجئ في انتخابات 2016 أمام هيلاري كلينتون، مرورًا بفوز جو بايدن الضيق في 2020، وحتى الانتخابات النصفية في 2022 التي لم تشهد الموجة الجمهورية المتوقعة.
يستعرض “تقرير واشنطن”، بالتعاون بين صحيفة “الشرق الأوسط” وقناة “الشرق”، موثوقية استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة وأسباب إخفاقاتها، مستكشفاً ما إذا كانت هذه الاستطلاعات ستتمكن من تقديم توقعات دقيقة في هذا العام الانتخابي الحاسم.
إقرأ أيضا
تحديات وإخفاقات متكررة
يوضح كريس جاكسون، نائب رئيس شركة “إبسوس” للاستطلاعات، أن التحدي الرئيسي يكمن في النظر إلى الاستطلاعات كمرآة مثالية لنتائج الانتخابات. فهي في الواقع تعكس لحظة معينة ويجب اعتبارها انطباعات وليست حقائق مطلقة. ويشير جاكسون إلى أن بعض مؤشرات استطلاعات عام 2016 أشارت إلى تفوق ترامب، لكن تم تجاهلها.
من جانبه، يرى دستن أولسن، الشريك الإداري في شركة “أميركان بلَس” للاستطلاعات، أنه كان من بين القلة الذين توقعوا فوز ترامب. ويصف السباق بأنه كان مضطربًا مع تراجع دعم كلينتون التدريجي، في حين استطاع ترامب جذب الانتباه وتغيير الأرقام ديناميكيًا.
أما توم بيفان، رئيس موقع “ريل كلير بوليتيكس”، فيعترف بوجود أخطاء في استطلاعات 2016، خصوصًا على مستوى الولايات، لكنه يشير إلى دقة التوقعات بفوز كلينتون بالأصوات الشعبية. ويسلط بيفان الضوء على مشكلة قراءة هذه الاستطلاعات من قبل المحللين، الذين زعموا بثقة عالية فوز كلينتون، ما أثر على التغطية الإعلامية وتوقعات الجمهور.
تحليل أعمق لاستطلاعات الرأي
يشدد جاكسون على ضرورة قراءة الاستطلاعات بشكل بنَّاء، مؤكداً أهمية النظر في جميع البيانات والأسئلة المطروحة للحصول على فهم أفضل لما يجري. ويشير إلى أهمية التركيز على القضايا الرئيسية ومواقف المرشحين بشأنها، وليس فقط على شعبية ترامب أو بايدن.
بيفان يوافق على هذه المقاربة ويضيف أن آراء المستقلين تلعب دورًا حاسمًا في الولايات المتأرجحة، حيث يمكن أن تكون نتائج الانتخابات متقاربة جدًا. ويؤكد أولسن أن الاستطلاعات هي أداة استراتيجية لتحديد الرسائل التي تؤثر على الناخبين وليست تنبؤًا دقيقًا بالمستقبل.
تأثير ترامب على الاستطلاعات
أحد التحديات الكبرى التي واجهت الاستطلاعات هو ما يسمى بـ”الناخب الخجول”، الذي لم يعبر عن توجهاته الحقيقية في استطلاعات 2016. ويرى جاكسون أن هذا النوع من الناخبين لم يعد خجولًا الآن، ويعبر بصراحة عن دعمه لترامب. ومع ذلك، يشير إلى أن ليس جميع من يتم استطلاع آرائهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع، ما يؤثر على النتائج الفعلية.
بيفان يتحدث عن “تأثير ترامب” على الانتخابات، مشيرًا إلى أنه يجذب الناخبين ويحفزهم بشكل فريد، ما يجعل من الصعب على منظمي الاستطلاعات التنبؤ بنتائج الانتخابات التي يشارك فيها.
هل تصدق التوقعات هذا العام؟
مع تزايد أزمة الثقة في استطلاعات الرأي، يؤكد المستطلعون أنهم تعلموا من أخطاء الماضي واعتمدوا أساليب جديدة هذا العام. يشير جاكسون إلى أن الأميركيين يربطون استطلاعات الرأي بالأخبار التي لا يثقون بها. ويضيف أن العناوين الإعلامية الجذابة التي تضلل الناخبين تسهم في هذا التراجع في الثقة.
يرى جاكسون أن الأمور قد تتغير مع اقتراب الانتخابات، لكنه يشير إلى أن ترامب يبدو في موقع أقوى حاليًا. ويتفق أولسن جزئيًا، مشيرًا إلى أن النتائج تميل لصالح ترامب في القضايا الرئيسية.
بيفان يختم بالإشارة إلى أن الاستطلاعات الوطنية تظهر تقاربًا كبيرًا بين المرشحين، لكن ترامب يتقدم في الولايات الحاسمة. وإذا كانت استطلاعات الرأي دقيقة، فمن المرجح أن يكون ترامب هو الفائز إذا أجريت الانتخابات اليوم.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط