حرية الصحافة .. أم حرية تلميع أصحاب النفوذ؟
حرية الصحافة أو الصحافة الحرة. تعبيران تعودنا دائما على سماعهما في القنوات الفضائية أو الكتابات الصحفية. يتداخلان مع الحرية الشخصية، تلك التي تسمح للصحفي بالإبداع، وتناول الإخبار، والتغطية الإعلامية، وحق التعبير. إضافة إلى التحليل دون التحكيم أو التشهير أو التحيز لشخص أو جهة ما دون أخرى. وهي من الأساسيات التي تحافظ على الديمقراطية.
كما أن الحكومات الديمقراطية جمعها، عادة ما تؤيد حرية الصحافة. وتشجع على تعدد المؤسسات الإعلامية، غير أنها تحارب الإعلام الذي يحمل أخبار غير صحيحة ومظللة للرأي العام.
نموذج الليبرالي لمفهوم حرية الصحافة
الصحافة الحرة، كانت الأفكار الليبرالية المحرك الأول لها. من خلال وجود فكرة حرية التعبير للفرد، وظل المجتمع الليبرالي عامة والأمريكي خاصة مؤمن بهذه الحرية الصحفية. غير أن هذا لم يمنع وجود ليبراليين لا يؤمنون بتلك الحرية، كونها تمس مصالحهم الشخصية. وهذا ينطبق تماما على لإيلون ماسك مالك شركة السيارة الكهربائية “تسلا“.
إيلون ماسك قد عطل منذ فترة وبصفته مالك “تويتر”، حسابات 3 صحفيين ناقدين له يعملون في “سي إن إن”، و”نيويورك تايمز”، و”واشنطن بوست”، على منصته التي يحكمها. قبل أن يعيد تفعيل حساباتهم تحت تأثير الضغط الإعلامي.
ومؤخرا لم يعد أي وجود لحساب الصحافي كين كليبينستاين الذي يكتب لصحيفة “ذا إنترسيبت”. الذي شارك بتغريدة على “تويتر” فيها رابط لمقطع فيديو، يتمضن تقريرا يكشف أخطاء خاصية القيادة الذاتية في سيارات “تيسلا” التي تنتجها شركة مملوكة من قبل إيلون ماسك!
الحرية ليست حرة بمفهوم إيلون ماسك
كين كليبينستاين الصحافي أرفق تغريدته بمقطع فيديو من لقطات مراقبة لسيارة “تيسلا” ذاتية القيادة، توقفت فجأة على جسر “باي” في سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، مما أدى إلى تصادم 8 سيارات ما أسفر عن إصابة 9 أشخاص، من بينهم طفل يبلغ من العمر عامين. وذلك بعد ساعات فقط من إعلان ماسك عن نجاعة القيادة الذاتية في سيارات “تيسلا”.
بعد ساعات من انتشار المقطع، لاحظ الصحفيون ومستخدمو الإنترنت توقف ظهور حساب الصحافي كين كليبينستاين. الحساب الموثق بالعلامة الزرقاء، والذي يملك 483 ألف متابع، في نتائج البحث على موقع “تويتر”، سواء عند البحث عن اسم الحساب أو اسم المستخدم. علما أن عدد التغريدات التي تضمنت اسم الصحافي على “تويتر” تجاوزت الألف تغريدة بعد ساعات من نشر المقطع. كما أن نتائج البحث عن الاسم تظهر كافة الحسابات ذات الأسماء المشابهة، عدا الحساب الأصلي.
دعه يعمل دعه يمر
يبد أن حرية الصحافة هي ضرب من الخيال. فكلما اقترب الصحفي من حقيقة معينة، تعرض للتهديد، أو الابتزاز أو القتل. وفي أفضل الظروف إغلاق حسابه على تويتر. وكل هذا بسبب “حرية الصحافة”.
المفهوم الليبرالي في حرية الصحافة كان يستند على عبارة “دعه يعمل دعه يمر”، غير أن الواقع يختلف تماما عن ذلك. فاليوم حرية الصحافة فقط لأجل تلميع صور الأصحاب النفوذ، أو أشخاص قريبين منه. كما أن أعداء أصحاب النفوذ من الممكن أن يتعرضوا لشتى الهجمات الصحفية من “الصحافة الحرة” وكل شيء بثمنه!
إن حرية الصحافة انتهت وولى زمانها. وصار محلها “الصحافة العرة” أو “الصحافة الصفراء” أو “صحافة الموت” أو “صحافة التلميع” أو “صحافة التطبيل”.
لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا