كيف تصاعدت التوترات بين الفلبين والصين بسبب دخول السفينة الصينية العملاقة منطقة مانيلا الاقتصادية؟
في تطور جديد على الصراع الإقليمي المستمر في بحر الصين الجنوبي، وضعت الصين واحدة من أكبر سفن خفر السواحل التابعة لها في المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين الأسبوع الماضي. ووصف مسؤول فلبيني هذا الإجراء بأنه “عمل من أعمال الترهيب”.
وقال جاي تارييلا، المتحدث باسم خفر السواحل الفلبيني، إن السفينة الصينية “CCG-5901″، وهي واحدة من أكبر سفن خفر السواحل في العالم، قد رست بالقرب من سابينا شول في جزر سبراتلي، على بعد حوالي 130 كيلومترًا شمال غربي جزيرة بالاوان الفلبينية في 3 يوليو الجاري. وتقع هذه المنطقة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين التي تمتد 230 ميلاً.
إقرأ أيضا
السفينة “CCG-5901″، التي تزن 12 ألف طن وطولها 541 قدمًا، هي ثلاثة أضعاف حجم سفن الدوريات الرئيسية لخفر السواحل الأمريكي. ولهذا السبب، يطلق عليها العديد من المراقبين اسم “الوحش”.
وأشار تارييلا عبر موقع “إكس” إلى أن السفينة الصينية كانت راسية على بعد 800 ياردة فقط من إحدى أكبر السفن التابعة لخفر السواحل الفلبيني، “BRP Teresa Magbanua”. وتزيد حجم السفينة الصينية خمسة أضعاف عن السفينة الفلبينية.
وفي حديث له في منتدى يوم السبت، قال تارييلا إن “الخطوة الصينية هي محاولة واضحة للترهيب من قبل خفر السواحل الصيني”، مؤكداً أن الفلبين لن تتراجع عن مطالباتها في بحر الصين الجنوبي، وفقاً لتقرير وكالة رويترز. وأضاف: “لن نتراجع ولن نتعرض للترهيب”.
تمكن خفر السواحل الفلبيني من تتبع تحركات السفينة الصينية باستخدام “تكنولوجيا الكشف عن السفن المظلمة” الكندية. وأشار تارييلا إلى أن السفينة غادرت هاينان في 1 يوليو ودخلت المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين في اليوم التالي. في أوائل يوليو، ذكرت الفلبين أنها حققت تقدمًا “ملحوظًا” مع الصين في إدارة النزاع ببحر الصين الجنوبي، رغم أنها أشارت إلى وجود خلافات “شديدة” عقب اجتماع دبلوماسي بين البلدين في مانيلا. هذا الاجتماع جاء بعد أسابيع من تصادم بين سفن صينية وفلبينية في 17 يونيو، أدى إلى إصابة بحار فلبيني. ولم تعلّق السلطات الصينية على المزاعم الفلبينية.
تطالب الصين بالسيادة على معظم بحر الصين الجنوبي، بما في ذلك العديد من الجزر والحواجز الرملية داخله. وقد حكمت محكمة دولية في لاهاي عام 2016 لصالح الفلبين، معلنة أن الصين ليس لها أساس قانوني للمطالبة بالحقوق التاريخية في معظم بحر الصين الجنوبي. لكن بكين تجاهلت الحكم واستمرت في تعزيز مطالباتها الإقليمية.
على مدار العام الماضي، تورطت سفن خفر السواحل الصينية، المدعومة بقوارب الميليشيات، في اشتباكات متعددة مع السفن الفلبينية. وفي إحدى المواجهات في يونيو، استخدم ضباط خفر السواحل الصينيين أدوات حادة لتهديد الجنود الفلبينيين، مما أدى إلى فقدان بحار فلبيني إبهامه.
السفينة “CCG-5901” لم تكن موجودة في هذا الحادث، لكنها كانت تجوب المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين منذ ذلك الحين، وفقاً لراي باول، خبير بحر الصين الجنوبي. وذكر باول أن السفينة الصينية قامت بجولة في جميع المواقع الاستيطانية الفلبينية تقريباً في بحر الصين الجنوبي بعد الاشتباك.
باول ومحللون آخرون يرون أن الترهيب هو المهمة الرئيسية للسفينة “CCG-5901”. هذه السفينة أكبر من أي سفينة خفر سواحل تقليدية، وحتى أكبر من بعض المدمرات الأمريكية. قدرتها الكبيرة تمكنها من تخويف الجيران دون التسبب في تصعيد عسكري.
كما أشار كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشتركة للقيادة الأمريكية في المحيط الهادي، إلى أن حجم السفينة وطاقمها يمكّنها من أن تكون سفينة قيادة مركزية في العمليات البحرية الكبرى. وقد شوهدت حاملة طائرات صينية تعمل بالقرب من الفلبين في الأسابيع الأخيرة، مما يعكس جهداً منسقاً لإظهار القوة البحرية الصينية أمام مانيلا.
تمتلك الصين أكبر قوة بحرية في العالم من حيث عدد السفن، بالإضافة إلى أكبر خفر سواحل، وفقًا لشبكة CNN. ويرى كولين كوه، زميل الأبحاث في كلية S. Rajaratnam للدراسات الدولية في سنغافورة، أن السفينة “CCG-5901” تُظهر قدرة الجيش الصيني على “الهيمنة على التصعيد”، مؤكداً أن الفلبين أرسلت واحدة من أفضل سفنها إلى سابينا شول لمواجهة التحدي الصيني.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط