
بعد ترقب طويل دام أكثر من 30 ساعة وضجة إعلامية كبيرة، خرج بنيامين نتنياهو بخطاب وُصف بأنه سيكون “تاريخياً”، لكنه سرعان ما خيّب التوقعات، إذ لم يحمل سوى شعارات مستهلكة تبرر استمرار العمليات العسكرية في غزة.
وبينما كان الجميع ينتظر تصريحات مفاجئة، لم يتطرق نتنياهو للملف الإيراني إلا بجملة قديمة كررها منذ سنوات، واختار أن يظهر عبر تسجيل مصور معدّ سلفاً دون أي مجال لأسئلة الصحفيين.
الجديد الوحيد في الخطاب كان هجومه العلني على الإعلاميين والمحللين الإسرائيليين، متهماً إياهم بأنهم يخدمون دعاية “حماس” عبر دعوتهم لإنهاء الحرب.
إقرأ أيضا
ما وراء الخطاب كان أوضح من مضمونه؛ إذ كشفت تقارير أن نتنياهو أراد صرف الأنظار عن شهادة مرتقبة لرئيس جهاز الشاباك، رونين بار، الذي كان يستعد لاتهام نتنياهو بالضغط عليه لخدمة مصالحه الخاصة، خصوصاً في قضايا فساد وتأمين شخصي لعائلته.
نتنياهو، الذي كان ينوي تحويل خطابه إلى حدث ضخم متزامن مع احتفالات عيد الميمونة في بيت أقارب خطيبة ابنه، دعا 300 من أنصاره للاحتفال. إلا أن تطورات مفاجئة قلبت خطته رأساً على عقب.
ففي غزة، نصب مقاتلو “حماس” كميناً للقوات الإسرائيلية أسفر عن مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح بالغة، رغم إعلان الجيش سابقاً تطهير المنطقة. كما وقعت أخطاء كبيرة في تقدير الإصابات وتأخر إخلاء الجرحى.
بالتوازي، تدفقت مئات المتظاهرين إلى موقع الاحتفال، مطالبين بإطلاق سراح المختطفين لدى حماس، ومنعوا نتنياهو من الاحتفال بهدوء. ووُجهت له رسائل مباشرة: “لن تعيش لحظة فرح بينما أبناؤنا مدفونون في الأنفاق.”
الخطاب، الذي تأجل بثه ساعتين، جاء محمّلاً برسائل عن “الصبر والثمن الباهظ للحرب”، واتهم منتقديه بترديد دعاية حماس، مؤكداً عزمه مواصلة العمليات حتى تدمير الحركة وإعادة الرهائن.
غير أن ردود الفعل الشعبية كانت قاسية؛ إذ وصف كثيرون كلمته بأنها “شهادة وفاة” للأسرى. وخرجت احتجاجات ضخمة في أنحاء إسرائيل اتهمت نتنياهو بتعريض الجنود للخطر من أجل بقائه السياسي.
حتى كبار قادة الجيش المتقاعدين هاجموه علناً، مؤكدين أن إسرائيل تدفع ثمن صراعاته الشخصية، بينما طالب أهالي المختطفين بضغط أمريكي مباشر عليه لإنهاء الحرب وإتمام الصفقات المتعثرة.
في النهاية، تحولت محاولة نتنياهو لصنع “لحظة تاريخية” إلى نكسة أظهرت حجم الأزمة التي يعيشها سياسياً وشعبياً.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط
