
بعد أن فشل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي في إقرار مشروع قانون يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، يتساءل الكثيرون عن إمكانية قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب باتخاذ خطوة مشابهة. كان ترمب قد هدد في السابق بفرض عقوبات “قاسية” على المحكمة، ويترقب الجميع رد فعله في هذا الشأن.
تدور التساؤلات حول ما إذا كان ترمب يمتلك الصلاحية لاتخاذ قرار تنفيذي من هذا النوع، رغم فشل الكونغرس في إقرار العقوبات. في الواقع، الإجابة تكمن في سلسلة من القرارات التنفيذية التي وقع عليها ترمب في فترات سابقة، ومنها قرار بإعادة فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب تحقيقات متعلقة بتصرفات جنود أمريكيين في أفغانستان.
ترمب في عام 2020 أصدر قرارًا يفرض عقوبات على المحكمة بسبب التحقيقات في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وتعذيب من قبل أفراد أمريكيين. الآن، عاد ترمب من جديد ليوقع قرارًا تنفيذيًا في يناير 2025، أي بعد يوم واحد من تنصيبه، والذي يهدف إلى تجديد العقوبات.
إقرأ أيضا
لكن، هل يمكن أن تدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ فورًا؟ وهل هي متوافقة مع العقوبات الواسعة التي كان يسعى الكونغرس لإقرارها؟ الجواب يكمن في ضرورة إعلان ترمب “حالة طوارئ وطنية” لإعادة فرض العقوبات التي تم تعليقها خلال ولاية بايدن.
الاختلاف اليوم هو أن المحكمة الجنائية الدولية لم تعد تركز على التحقيقات المتعلقة بأفغانستان، ما يجعل من الصعب على ترمب استخدام نفس الحجة التي اعتمد عليها سابقًا. لكن، قد يعتمد ترمب على مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويعتبرها حجة لفرض “حالة طوارئ” جديدة.
ومن المحتمل أن تكون زيارة نتنياهو المرتقبة للبيت الأبيض في عهد ترمب الثاني بمثابة فرصة لتعزيز التنسيق بين الجانبين في هذا الشأن، لا سيما بعد تلقي نتنياهو دعوة رسمية من الرئيس الأمريكي.
أما عن تأثير هذه العقوبات على المحكمة، فيرى الكثيرون أن هذه العقوبات قد تمثل “حكمًا بالإعدام” على المحكمة. كما يحذر الديمقراطيون من تأثيراتها على الشركات الأمريكية مثل “مايكروسوفت”، التي تعتمد عليها المحكمة بشكل كبير. قد تتسبب هذه العقوبات في تعطيل قدرة المحكمة على إجراء تحقيقات في قضايا هامة.
إذا تم فرض عقوبات مشابهة لتلك التي كانت ضمن مشروع القانون المرفوض، فإنها ستكون أشد قسوة، وتشمل تجميد الدعم المالي والتكنولوجي، بالإضافة إلى غرامات قد تصل إلى 250 ألف دولار وسجن يصل إلى 20 عامًا للمشاركين في التعامل مع المحكمة.
من جهتها، ترى مارا رودمان، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي، أن الإجراءات ضد المسؤولين الإسرائيليين من قبل المحكمة تعزز المخاوف حول تجاوز المحكمة صلاحياتها. ومع ذلك، تشير إلى أن ترمب قد يواجه صعوبة في تطبيق هذه العقوبات بشكل فعال بسبب الاعتراضات القانونية التي قد تواجهه في المحاكم الأمريكية.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط
