
المحتوى الهابط. الشغل الشاغل للعراقيين هذه الأيام. فقد أعلن القضاء العراقي عن قرار من شأنه حبس كل من يقدم “محتوى هابط” على منصات التواصل الاجتماعي، ونفذته وزارة الداخلية.
خوفا من الملاحقة القانونية وبعد أحكام بالسجن ضد عراقيين بسبب محتواهم على منصات التواصل الاجتماعي. اعتذر الكثير من مشاهير على مواقع التواصل في العراق عما قدموه سابقا. فالعقوبة طالت العديد منهم، البعض صدر بحقه حبسا لمدة شهرين. وآخرين لستة شهور. والبعض خرج خلال أيام قليلة.
المحتوى الهابط سلاح ذو حدين
منصات التواصل الاجتماعي في العراقي غصت بالتعليقات حول هذا القرار المتعلق بالمحتوى الهابط. البعض مؤيد والبعض الآخر وقف بالضد من هكذا قرار.
الذين أيدوا القرار، يرون أن الإسفاف في طرح المواضيع على تلك المنصات وصل حدا لا يمكن السكوت عنه. فصار مشاهير المواضيع السطحية هم حديث الشارع، في الوقت الذي يعاني العراقيين من مشاكل كبيرة في قطاع الاقتصاد والصناعة والزراعة. ناهيك عن أزمة هبوط العملة العراقية بسبب تهريب أموال العراق بالدولار إلى دول مجاورة، عن طريق الأحزاب السياسية الموالية لها.
امحتوى الهابطقرار لتكميم الأفواه
في حين يرى المعارضون لهذا لقرار حبس أصحاب “المحتوى الهابط” هو سياسة جديدة لتكميم الأفواه. إذ يؤدي مستقبلا لمحاسبة كل رأي ليس على هوى الحكومة واحزابها المسيطرة عليها. فممكن نرى مستقبلا أن أي خبر عن فساد المسؤولين في الحكومة العراقية ينطبق عليه هذا القرار. كذلك من ينشر “تسريبات” عن صفقات فساد و”عمالة” هؤلاء المسؤولين سيحاسب من خلاله . ناهيك عن البرامج التي تستخدم لقاءات المسؤولين التلفازية مادة للسخرية، فسيطبق عليها القرار فورا.

هل هناك معايير لتنفيذ هذا القرار؟
لم يحدد القضاء العراقي معايير محددة للمحتوى الهابط. بالتالي هو قرار فضفاض، يمكن “تلبيسه” على أي شخص وعلى أي موضوع. لذلك أول من استغل هذا القرار هم مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في العراق. إذ أعاد العديد من المستخدمين مقاطع فيديو وصورا ومنشورات قديمة، تمثل رموزا للأحزاب الحاكمة ورجال دين تحت اسم “محتوى هابط”. فمثلا أعاد العديد صورا لأحد رجال الدين وهو يغتسل بالملابس الداخلية أمام الكاميرات وأعدّوه محتوى هابط”. كما عرض البعض بعض اللقاءات المصورة للسياسيين، بنفس الاسم.
إن أصحاب هذا المحتوى مهما وصولوا بمحتواهم من إسفاف وسطحية وتفاهة، لا يصل إلى مرحلة التجريم، على الأقل في الوقت الحالي. لأن هناك من هو بحاجة للمساءلة، خاصة من قتل أبناء الشعب العراقي في ثورة تشرين. كذلك من ساق أبناءه إلى مجزرة “سبايكر”. ناهيك عن صفقات الفساد في المشاريع المنفذة وغير المنفذة، أو تهريب الأموال، أو سرقتها، أو تلقي الرشى من كل صوب، وتقديم المصالح شخصية على مصلحة العراق.
هؤلاء الذين ألقي القبض عليهم بحاجة إلى اقتصاد قوي ودخل يسمح لهم بحياة كريمة، ليبتعدوا عن الابتذال والسطحية والتفاهة. وبخلاف ذلك علينا محاسبة من أوصلهم إلى ما وصلوا إليه.
لمزيد من الأخبار والمقالات يرجى الضغط هنا