مقالاتحربالمقالات السياسية

سوريا .. ساحة لتصفية حسابات الولايات المتحدة وروسيا

سوريا لم تعد ساحة حرب. بل ساحة لتصفية الحسابات فيما بين القوى المتنفذة على أراضيها. صراع مستمر بين الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ضد إيران وحليفتها روسيا. والشعب السوري هو المتضرر ولا أحد سواه من هذه السخافات الحربية.

غارتين إسرائيليتين على مواقع في وسط البلاد وغربها. الأولى غارات استهدفت “قافلة إيرانية” تنقل وقوداً وربما أسلحة على الحدود السورية – العراقية. والثانية أدت لمقتل 4 عسكريين.

هذه الضربة استفزت حكومة طهران فردت عليه ميليشيات مرتبطة بإيران، بقصف صاروخي استهدف قاعدة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في شرق سوريا.

صواريخ من مواقع إيرانية

المرصد السوري لحقوق الإنسان” ذكر في بيان له أن الصواريخ انطلقت من موقع تابع للمجموعات الموالية لإيران في مدينة الميادين القريبة، لافتاً إلى استنفار الطرفين لقواتهما في المنطقة.

الإعلام الرسمي السوري لم يذكر المواقع التي تعرضت للقصف الإسرائيلي. اكتفى فقط بذكر ما يمكن ذكره. غير أن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أفاد بأن القصف استهدف مواقع تابعة لمجموعات موالية لإيران في محافظتي حمص وحماة. ما أسفر عن تدمير أسلحة وذخائر. وأضاف أن القصف طال أيضاً موقعاً للقوات السورية يضم بطارية للدفاع الجوي في ريف جبلة، في محافظة اللاذقية.

غياب الرد الحكومي في سوريا

كل من لديه مصلحة في هذه البلاد يقاتل بشتى الطرق ليستمر في سيطرته على ما يملك من أراضٍ ونفوذ. يحدث ذلك في غياب السلطة الفعلية لحكومة دمشق العاجزة عن اتخاذ أي رد فعل.

الشعب السوري على الرغم من انقسامه على نفسه إلا أنه ضحية تلك القوى المتصارعة على أراضيه. فخلال الأعوام الماضية، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجويّة في سوريا، طالت مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانيّة وأخرى لـ “حزب الله” اللبناني. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات؛ لكنها تكرّر أنّها ستواصل تصدّيها لما تصفها بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

انشغال روسيا بحربها ضد أوكرانيا قد يضعف إيران

يبدو أن إسرائيل تحاول هذه الأيام توجيه ضربات مكثفة على مواقع إيرانية في الأراضي السورية. ربما مستغلة انشغال العدو الروسي في أوكرانيا لتشدد من ضرباتها على ميليشيات إيران. فقد كثفت إسرائيل هجماتها على مطارات وقواعد جوية في البلاد، في الشهور القليلة الماضية، لتعطيل استخدام إيران المتزايد لخطوط الإمداد الجوي لتوصيل أسلحة إلى حلفائها في سوريا ولبنان، بما في ذلك “حزب الله”  اللبناني المدعوم من إيران.

وتأتي الضربات الإسرائيلية الجديدة في وقت أعلنت فيه القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم) أن صواريخ استهدفت قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في أحد أبرز قواعدها في شرق سوريا، من دون أن تسفر عن سقوط ضحايا. وقالت “سنتكوم” في بيان، إن الصواريخ “استهدفت قوات التحالف في قاعدة القرية الخضراء” التي تقع في حقل العمر النفطي بمحافظة دير الزور.

وتعد هذه المنطقة طريقاً مهماً للكتائب العراقية ولـ”حزب الله” اللبناني والمجموعات الأخرى الموالية لإيران، لنقل الأسلحة والمقاتلين. كما تستخدم أيضاً لنقل البضائع على أنواعها بين العراق وسوريا.

ضربات مستمرة لميليشيات إيران

وفي التاسع من الشهر الحالي، تعرّضت قافلة تضم صهاريج محروقات وأسلحة لمقاتلين موالين لإيران لقصف جوي، بعد عبورها من العراق إلى شرق سوريا، ما أودى بحياة 14 شخصاً، وفق حصيلة لـ “المرصد السوري”. ونفى التحالف أن تكون قواته مسؤولة عن تنفيذ الغارة.

على مرّ السنوات، تعرّضت شاحنات كانت تقلّ أسلحة وذخائر، ومستودعات ومواقع عسكرية تابعة للمجموعات الموالية لطهران إلى ضربات جوية؛ خصوصاً في المنطقة الممتدة بين الميادين والبوكمال. وقد تبنت القوات الأميركية بعضها، ونُسبت أخرى لإسرائيل التي تؤكد دائماً عزمها منع «التجذر الإيراني» في سوريا.

سوريا ساحة مس لوجود القوات الأمريكية

ولا يزال ما يقارب 900 جندي أميركي منتشرين في شمال شرقي سوريا، وفي قاعدة التنف الواقعة قرب الحدود الأردنية والعراقية. ما يعني أن ليس هناك نية في وقف العمليات العسكرية في المنطقة. كما يعد وجده هذه القوات إعلانا رسميا من قبل واشنطن بأن الملعب السوري ليس للروس أو الإيرانيين فحسب. بل لهم حصة فيه.

طائرات درون فوق دير الزور

مدينة الميادين التي تُوصَف بأنها “عاصمة” الميليشيات التابعة لإيران في شرق سوريا، وبلدة العشارة وقرية بقرص في ريف دير الزور. شهدوا طيران طائرات الدرون فوق أجواءها. جاء ذلك بعد معلومات عن سقوط 4 صواريخ انطلقت من موقع عسكري تابع للميليشيات الإيرانية بالقرب من الثانوية الصناعية في مدينة الميادين وطال قاعدةً للتحالف الدولي ضمن حقل العمر.

في النهاية يبدو أن الوضع في سوريا مستمر على هذا السياق إلى وقت ليس بالقريب. فلا الجهود الدولية أثمرت عن وقف الحرب في سوريا. ولا السوريين أنفسهم قادرين على وضع حل لهم.

لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى