مبابي ليس الأول… حين تحاكم جماهير مدريد رموزها بالصفير

أن تلعب في سانتياغو برنابيو، يعني أن تكون تحت المجهر دائماً. وإذا وصلت صفارات الاستهجان إلى نجم بحجم كيليان مبابي، الهداف الأبرز هذا الموسم والمتوَّج بكأس العالم 2018، فهذا يكشف بوضوح عن مدى قسوة جمهور ريال مدريد وسقف توقعاته العالي.
في أبريل الماضي، أطلقت الجماهير صفاراتها ضد مبابي خلال مباراة أمام أتلتيك بلباو، بعد أيام من الإقصاء الأوروبي أمام آرسنال. والغريب أن مبابي لم يكن الأول، فقد سبقه رموز مثل كريستيانو رونالدو، إيكر كاسياس، بل وحتى الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو.
لكن لماذا يتأرجح الجمهور بين التصفيق والصفير؟ ولماذا لا يُستثنى أحد من هذا الضغط، مهما علا شأنه؟
إقرأ أيضا
في إسبانيا، الصفير هو لغة الاعتراض الأولى، وله جذور عميقة تعود حتى إلى ساحات مصارعة الثيران. غير أن مدريد -على وجه الخصوص- اشتهرت بجمهور شرس لا يرحم، منذ بدايات القرن العشرين. ففي عام 1932، واجه غاسبار روبيو أول موجة صفارات عنيفة بعد رحلة خارجية مثيرة للجدل.
وفي الخمسينات، نال باكو خينتو -رغم سجله التاريخي- نصيبه من النقد بسبب بدايته المهزوزة. حتى دي ستيفانو، الرمز الخالد، لم يسلم بعد مشاركته في إعلان تلفزيوني أغضب المحافظين.
الضغط في مدريد ليس جماهيرياً فقط، بل تعززه التغطية الإعلامية المكثفة، كما يوضح خورخي فالدانو: “اللعب هنا يجعلك دائماً في وضعية الدفاع عن النفس… وفي بعض الأحيان، تحقق إنجازات رغم أن الجمهور بأكمله ضدك”.
من الأسطورة ميشيل غونزاليس إلى جيل النجوم الحديث مثل رونالدو وبيل، تتكرر القصة: صفارات تطارد اللاعبين مهما بلغت إنجازاتهم. بيل علّق قائلاً: “حين تحتاجهم لدعمك، يطلقون الصفارات بدلاً من ذلك”. أما كاسيميرو، فردّ قائلاً: “إنهم يصفرون على جزء من تاريخ النادي”.
حتى المدربون لم يُستثنوا. جوزيه مورينيو واجه ذلك مراراً، وكذلك المدرب الحالي أنشيلوتي بعد خسارة السوبر الإسباني. وفي بعض المباريات، لم ينجُ حتى فينيسيوس جونيور أو مبابي من موجة الرفض، رغم غيابهما أو مساهماتهما السابقة.
وتشير الخبيرة النفسية سارا دي إسبيخو إلى أن هذه الصفارات تترك أثراً نفسياً، وتولد قلقاً قد يدفع اللاعب للعزلة العاطفية كنوع من الدفاع الذاتي.
في النهاية، يلخص فالدانو الحقيقة بقوله: “في مدريد، لا يوجد لاعب فوق المحاسبة. الجمهور هنا نشأ على المجد، ولن يتسامح مع أي لحظة تراجع”.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط
