الإعلام الموجه .. سلاح ذو حدّين أمام وعي المجتمع

الإعلام الموجه. تتحكم فيها عبارتان بسيطتان. تتحدثان عن الايجابية والسلبية في الإعلام، والإعلام الموجّه .. عبارتي “برتولد بريخت” و”أعطني إعلاماً بلا ضمير، أُعطيك شعباً بلا وعي – جوزيف غوبلز”.
يصف أساتذة الإعلام في العالم. الإعلام المعاصر بجريمة القرن العشرين! كونه كعصا الساحر التي تتحكم بالعقول توجهها حيث تريد. فمن خلال وسائل الإعلام عامةً والمرئية المسموعة خاصةً، وبعد ثورة تكنولوجيا الاتصالات والانترنت، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي العصا السحرية الأمثل لتوجيه العقول وخلق عوالم وهمية افتراضية. تُبث من خلالها كل الأفكار المراد زرعها بعقول الافراد والمجتمع حسب مفهوم ثقافة القطيع.
الإعلام الموجه .. في ظل انقراض السينما في العراق تحديدا
لقد اصبح الإعلام قادراً وبشكل شبه مطلق على خلق عوالم وهمية جميلة المظهر محملة بمفاهيم جديدة مطلوب زرعها في عقول الأفراد .. ومن أبرز الامثلة على ذلك، السينما والتليفزيون كونهما يمسّان حياة الفرد والعائلة بشكل مباشر ويؤثران في السلوك .. و بما أن السينما في العراق أصبحت من التراث، بسبب مجيئ الإسلاميين وخرافاتهم وأفكارهم المتطرفة والمسمومة والحكم بأعتبارها محرمة شرعاً!. بقي لدينا التليفزيون ( هنا اتحدث عن البرامج الدرامية والتواصلية المقدمة) والتي اعتبرها شخصياً بمثابة سلاح تدمير شامل للبنية الاجتماعية العراقية.
تأثير الإعلام المستورد من الغرب
لنأخذ مثلاً الدراما المدبلجة عموماً والتركية بشكل خاص، فهي تأخذ العقل لمحاور اخلاقية جديدة وخطيرة في بعض الأحيان منها على سبيل المثال العلاقات المحرمة والشاذة احياناً! وكذلك اسلوب “الانتفاض” على القيم الاجتماعية الأصيلة في مجتمعنا .. فكلنا نعرف سيكولوجية الفرد العراقي أو العربي تتأثر سلباً او ايجاباً بأيحاءات الإعلام الحديث الموجّه. فهو يتقبل كل التهويل في الفبركات الدرامية والاخبارية التهويلية، والذي ينعكس على واقع الحياة اليومية، وهذا بالضبط سياسة التضليل على واقع اجتماعي أصيل.
والإعلام في كل العالم شرقياً كان أو غربياً، يقوم على برمجة العقول وتكريس ثقافة القطيع من أجل صناعة وخلق “وهم” قد يصبح حقيقة في عقول البعض .. هذا نراه حين نتفكر بكل الأفكار السلبية والمتطرفة دينياً واجتماعياً والتي بدأ الاعلام نفسه بالترويج لها. سواء بشكل مقصود أو بشكل ساذج من أجل كسب وتجنيد الشباب لهذه الافكار المتطرفة.
التطرف نتيجة الإعلام الموجه
والأمثلة على ذلك كثيرة وأكثرها شيوعاً طريقة تجنيد الشباب للإنضمام لمعسكرات الفكر الديني المتطرف، من أجل الذهاب الى الجنة والتمتع بملذاتها!. ونعرف أن هذا شمل شباباً ونساءاً من الشرق، وكذلك من أفراد الدول الأكثر تقدماً وتطوراً في الغرب … وهذا كله بسبب الأعلام السلبي الموجه.
علينا الآن التفكير جدًياً بالإعلام الموجه وأسلحته الخطيرة .. هنا أتمنى أن يأخذ الإعلاميين الشباب ومن كل الصعد، باستخدام الإعلام كوسيلة توعية فردية كانت أو اجتماعية. وتغيير الكثير من السلوكيات الغريبة والجديدة على مجتمعنا. من أجل النهوض بالمجتمع وتخليصه من خزعبلات وخرافات رجال الدين وتوجيهه نحو التقدم والتطور.
الإعلام الموجه .. والصراع بين الشرق والغرب
ولا ننسى أن الصراع بين الشرق والغرب قائم وسيبقى، لأنه صراع فكري إنساني قبل أن يكون اجتماعي أو ديني أو سياسي! .. والذي قرأ ويقرأ التاريخ يعرف جيداً الفرق بين سيكولوجية المجتمع الشرقي ونظرته للحياة والكون وسيكولوجية المجتمع الغربي، إنه صراع انساني بين تيارين “شرقي وغربي”.
وسؤال قد يتبادر لذهن القارئ ..! تُرى كم من الأعوام نحتاج حتى نتمتع بأعلام نزيه إيجابي ومحايد ؟ ربما خمسين عاماً ! لست بمتشائم .. إنما هو استقراء لواقع فعلي.